المتتبع لفصل الربيع، واكتساء الطبيعة باثواب خلّابة، يلاحظ عن كثب ان الربيع وحياة الطبيعة من جديد، يقترن باحتفالات ومراسيم شيقة.

 

 

د.سيد حمود خواسته

المتتبع لفصل الربيع، واكتساء الطبيعة باثواب خلّابة، يلاحظ عن كثب ان الربيع وحياة الطبيعة من جديد، يقترن باحتفالات ومراسيم شيقة..وافراح هنا وهناك، ليس في ارجاء ايران كافة، بل وفي اقطار عديدة، كأفغانستان، وطاجيكستان والهند وغيرها...تسمى «نوروز» اي:اليوم الجديد، حيث ان ذلك يعود الى آلاف السنين عند الايرانيين.. وعند مااعتنق الايرانيون الاسلام بحب واخلاص، وتعامله السلمى مع سائر الاديان..امتزجت طقوس ومراسيم «نوروز» بالاسلام، الذي تطرق الى «نوروز»  واعياد «نوروز» بحكمة ومحبة. فـ «نوروز».. هو النظافة.. وهو نفض التراب عن الابدان والرواح وحتى مايستخدمه الانسان في اقامته.. وهو منشأ حياة جديدة للطبيعة وبركاتها وآلائها، التي ينعم الله تعالى بها علي الانسان.. وهو تذكير بالبعث بعد الجمود.. وبالحياة بعد الموت. وقد تطرق الامام (قدس سره)حول اعياد «نوروز» من خلال كلماته الرشيدة، سواء في الاذاعة والتلفزيون، عند مطلع العام الجديد، او في اماكن اخرى خلال الشهر الاول «فروردين» من السنة الايرانية الجديدة واطلالة الـ«نوروز».

لقد كان سماحته (قدس سره)يعير بالغ الاهميةالى ذلك، ولاسيما عندما يتحدث عن الدعاء المعروف عند البداية السنة الجديدة ومطلع الربيع وهو «يا مقلب القلوب والابصار...». وكان سماحته (قدس سره)يوصي بالاحتفاء، بأيام الـ«نوروز» تعظيماً لنعم الله تعالى واجلالاً لابناء الشعب الايراني ومصاحبة لهم في ذلك. فكان يفرح لفرحهم ويغتم لترحهم.. حتى انه وفي عام 1342 (الهجري الشمسي)ايام حكم الشاه المقبور.. واستنكاراً لما كان يقوم به الشاه وجلاوزته من اعمال منافية للاسلام، اصدر بياناً يتضمن انه لاعيد في ذلك العام. ومع اسرته ومن ينتسب اليه، كان الفرح يعم على الجميع وتستبشر الوجوه بمطلع الـ«نوروز».. وكان سماحته (قدس سره)يقدم لافراد العائلة..النقود او ماشابه ذلك، حسب المراسيم السائدة في المجتمع..ويتقدمون اليه برفع التهاني بالمناسبة السعيدة.

إن من مراسيم «نوروز»[1]: الغسل، ارتداء ملابس جديدة، استعمال العطر، الصيام والصلاة وسجدة الشكر لله تعالى عن نعمائه. وكذلك صلة الرحم وزيارة الاصدقاء والمعارف، وهي ملفتة للنظر في الاحكام الاسلامية ومروية عن الائمة الاطهار (ع)...

ان بعض العلماء والفقهاء واتّباعاً لذلك، يروا أن الغسل والصيام في «نوروز» مستحب. حيث ذكر الامام (قدس سره)في كتاب "تحرير الوسيلة"[2] ان «نوروز» من الايام التي يستحب فيها الغسل.

حيث يجد الامام احياناً متسعاً من الوقت وتسنح الفرصة للاستراحة من عبء المسؤولية الجسيمة، وفي اوقات فراغته وأثناء خلوته، كان سماحته يحاول إطفاء لهيب النار المتقده في أحشائه، والبوح بألم الفراق الى محبوبه الأوحد، بكلام موزون وبلغة الشعر.. لم يكن الامام مولعاً بالنظم والشعر أبداً، ولم يكن قد عوّد نفسه للهو بالشعر.. ان هذا العاشق الصادق كلما وجد الفرصة للاستراحة من اداء الواجب والاضطلاع بمسؤولياته، كان يبوح بألم الهجران  في قالب الألفاظ و المفردات الموزونة علي قصاصات الورق .. لم يكن هدفه الشعر والشاعرية، بل النظم يشكّل هو الآخر مظهراً من مظاهر تجلي روحه الرفيعة السامية.. أن نظمه للشعر هو بمثابة (أرحنا يا بلال).. أشعاره نجوى عشقيه، وروحه المضطربه غير المستقرة تبوح بألم فراق المحبوب في خلوة الوحدة، وتناجي معبودها وتبث له بأسرارها.

أجل، أن أشعار الامام إنما هي حصيلة حالة الاستغراق، ووليدة الفناء في سبحات جلال وجمال الحق المتعالي، ونتيجة شهود لقاء المحب. ومما قاله سماحته (قدس سره)في عيد «نوروز»:

عيد النيروز

نيروزنا فتّح بالورودِ         وجدّدوا ثياب يوم العيدِ

  والبلبلُ الفتّانُ في جِنانٍ      وفي انتشاءٍ غصَّ بالنشيدِ

والعارف الصوفيُّ في ابتعادٍ   فادلفْ بنا لشربنا التليدِ

والكلُُّ في أعيادهم نَشاوى    قد أصحروا وسرتُ للوَدودِ

يا ربِّ بالنيروز جُدْ بكأسٍ    وافتح لنا ميحانةَ التوحيدِ

لو يفتحون للجيب درباً       همتُ على وجهي كالوليدِ

قد كنتُ في العمائمِ مُراداً     وصرتُ بعد الوصلِ بالمريدِ

 

 

[1] التي اوصانا بها العلماء

[2] تحرير الوسيلة، ج1 ص88

 

المصدر: موقع الامام الخمینی

 

الطقس
مسؤولية ماينشر على عاتق الكاتب

تقع مسؤولية الكتاب على عاتق كتابهم ولا يعني نشره الموافقة على هذه التعليقات.